أنا جَدْ حزينة مِنْ أجلِكَ

الفتاة التي أحبتني

تستيقظ من نومها العميق

ترتدي نعالًا في قدميها

كي لا يتشقق جلد كعبيها

أو لا يلوث البلاط مظهر قدميها الرقيقتين،

تُحضر من الخزانة الضخمة الملتصقة بالحائط؛ منشفتين،

تختار لباسها الداخلي الأخضر، وقميص للنوم،

لا تأخذ معها حمالة للصدر-

لأنها لا ترتديها أبدًا في المنزل،

تُراجع بتمعن

مجموعة الزيوت

مرطبات البشرة

مُـقَـشِّـر البشرة

المانيكير

مَبرَدْ الأظافر

وغسول الوجه السويدي الصنع،

تُراجع هذا بتمعن

ولا تَنسى شيئًا أبدًا.

تقوم بذلك بشكل روتيني.

تَعبر طرقة منزلها،

تتوقف أمام المرآة الطويلة للحظة،

تدخل الحمام الكبير،

تضع أشيائها على غسالة الملابس،

تُغلق الباب جيدًا من الداخل،

تتعرى.

أمام المرآة دائمًا.

تتعرى. تبدأ في عد شاماتها،

تتحسس دوران خصرها،

تفحص ثديها كما شاهدت في الفيديو على YouTube،

تفتح الماء،

ثم تفحص الآخر،

تبتسم،

وتقفز سريعًا-

بجسدها الصغير-

تحت الماء البارد.

تبلل نفسها،

تحوّل الماء البارد-

إلى ماء ساخن،

تبتعد قليلًا،

ترسم على المرآة حروفًا وكلمات-

تقهقه بصوت عالٍ،

تتناول شفرة الحلاقة،

تحلق شعر ساقيها،

تحلق شعر إبطيها،

تترك شعر العانة

دعمًا للنسوية الجديدة،

تُبلل الجسد بالماء الساخن،

تدعك أثدائها بالصابون

تفرك حلمتيها،

وتبتسم في لذة.

تغلق الماء في الأعلى،

تتمدد في البانيو الممتلئ قليلا،

تترك ماء الصنبور-

المندفع بقوة-

يهبط على ما بين فخذيها.

تتموج لأعلى

إلى أسفل…

إلى أسفل.

تباعد ساقيها،

تشد جسدها إلى الخلف،

تشد اصابع قدميها،

ترتكز على يديها النحيلتين،

تشد نفسها أكثر

إلى الخلف،

تلقي برأسها خلف الجسد المشدود،

تغيب عيناها،

وترتعش، لمرتين، أو ثلاثة،

لذكرى مجاملة قديمة،

أو لخيال عابر.

تبتسم في لذة.

وتعود.

تلف المنشفة حول الجسد المنتشي،

تلف الأخرى على شعرها،

تخرج نحو الغرفة،

ولا تتوقف أمام المرآة،

تجلس في الغرفة على مقعدها

المواجه لمرآة أُخرى عريضة،

تُنشّف شعرها بعناية،

تُنشّف الأطراف بقوة أكبر،

تترك منشفة الجسد

تنحل من تلقاء ذاتها،

يظهر ثدييها في المرآة

تحس بظهرها العاري،

تشد قامتها،

تُمشط شعرها،

ترتدي قميص النوم

تضع مرطب للشفاه،

ترتدي سلسلة العنق المفضلة،

تختار خاتمًا يناسب مزاجها اليومي،

تضع قدمًا فوق الأخرى،

وتمسك بهاتفها المحمول،

تبحث عن موضوع اليوم،

تُطالع فساتين المشاهير،

أخبار الساعة،

أعداد الوفيات،

تُقَلِّب الحزن والفرح

كما تُقَلِّب رغيف الخبز على النار،

تضع شيئًا في فمها الفارغ،

تضع إعجابًا هنا وهناك،

تضع قلوبًا حمراء، وجوهاً حزينة، ضحكات، وقلوبًا مكسورة.

تُصادف صورتي

                                  (مساءات الكآبة ٢)

وتقول بشكل فاتر:

 

 

أنا جَـدْ حزينة من أجلِكَ.

 

 

(العريش- ٤ يوليو ٢٠٢٠)

2 thoughts on “أنا جَدْ حزينة مِنْ أجلِكَ

Leave a comment